كانت الساعة تقترب من السابعة والنصف من مساء الخميس الماضى ، لملمت أوراقى وبدأت أجهز نفسى لمغادرة المكتب ، أغلقت جهازى حملت حقيبتى ودعت أصدقائى وبدأت رحلتى الإسبوعية من القاهرة إلى قريتى الصغيرة ، ذهبت إلى محطة الآتوبيس منتظراً أى شىء يحملنى موقف أحمد حلمى ، بعد فترة انتظار مملة جاء الأتوبيس ، ركبت مسرعا يحملنى الشوق إلى أهلى وأصدقائى وفى الطريق سمعت أذان المغرب لم أهتم كثيرا وقلت لنفسى أنا على سفر يجوز لى الجمع ، بعد فترة ليست قصيرة وصل الاتوبيس إلى ميدان احمد حلمى ، فكرت أنا أذهب لصلاة المغرب فى أى مسجد قريب ولكنى تكاسلت بدعوى أن المسجد بعيد وقلت لنفسلا لا ضرر أنا على سفر ، ومن احمد حلمى استقليت مكروباص لمسطرد كان الطريق مزدحم أصابنى بالملل وزاد من مللى جشع السائق الذى لم يترك نقطة بالسيارة الا ووضع بها بنى ادميين ، تصبرت حتى وصلت أخيراااااااااا
وفى مسطرد سمعت صوت إمام مسجد يجلجل فى وسط الميدان قلت لنفسى لم يعد لك حجة ها هو المسجد أمامك وانت متوضأ والصلاة لن تستغرق خمس دقائق ، دخلت المسجد على عجل لم أهتم كثيرا بالدرس المنعقد فى المسجد ولا الإمام الذى ما زال يتحدث عن فرضية طلب العلم وجهاد السلف والائمة فى الوصول اليه ، أديت الصلاة بجسدى لم أعى منها شىء فصوت الإمام أفقدنى التركيز وشتت ذهنى فكرت فى وفاء طفلة أختى الصغيرة التى لم تتعد الثلاث شهور فكرت فى أمى وأبى ورحلتى التى لم تنته ، أنهيت الصلاة دون أن أدركها بررت لنفسى ذلك قائلا "أفضل أن يضيع وتدركنى العشاء " !!!!!!
خرجت من المسجد مسرعا حملت حذائى وحقيبتى التى صارت بمثابة ذراع ثالث لا يفارقنى ، صعدت الكوبرى وفى ثوان معدودة كنت فى موقف السيارات الإخير الذى سينقلنى إلى قريتى حيث الريف والهدوء فى أجازة من زحمة القاهرة وضوضائها .
فور وصولى للموقف شاهدت سيارة تنطلق وقد إكتمل عدد ركابها ، تمنيت ان اكون واحدا منهم كى أوفر ولو دقائق معدودة ولكن لا ضرر فها هى السيارة الأخرى قد وصلت ركبت بسرعة وسرعان ما انطلقت السيارة بعد ان اكتمل ركابها ، جلست أفكر حياتى ومستقبلى وعملى وأصدقائى سرحت فى كل شى وأنا منتشى سعيد فبعد قليل سأكون وسط اهلى سأرتاح من أكل التيك اوى الذى أتعب معدتى طيلة الإسبوع ، وفى وسط احلامى تنبهت على توقف السيارة ، نظرت حولى كى أتحرى الأمر فاذا بها حادثة مروعة تصادم ثلاث سيارات أوقف الطريق نهائيا ، تأملت فى السيارة المقلوبة فإذا بى أجدها تلك السيارة التى تمنيت أن أركبها منذ دقائق ، نعم إنها تلك السيارة التى إنطلقت قبل سيارتى ، انتابتنى رعشة خفيفة يااااااااااااااااااااا
كان من الممكن أن أكون أحد هؤلاء الضحايا ، كان من الممكن ان يكون اليوم هو أخر أيامى بالحياة ، كان من الممكن أن أعيش بعد اليوم بلا يد أو ذراع أو ..................................
إسترجعت اللحظات الأخيرة قبل الحادثة لم يعطلنى عن ركوب تلك السيارة المقلوبة سوى صلاة المغرب التى أديتها بغير خشوع تكاسلت عنها وأديتها أداء الموظف ، نعم أنها صلاة المغرب التى أنقذتنى من الموت وأعادتنى للحياة يا لو كنت أعلم انها هى سبيل نجاتى من الموت لختمت فيها القرأن هكذا قلت لنفسى بعد أن استكملت السيارة رحلتها ، وطوال الطريق وأنا أسأل نفسى سؤالا ماذا لو لم أصلى المغرب ؟؟؟ ماذا لو صدقت مقولة شيطانى أنت على سفر يجوز لك الجمع ؟؟؟؟
أسئلة كثيرة دارت بخاطرى حتى توقفت السيارة ونزلت بقريتى الصغيرة وقد عاهدت نفسى الأ أؤخر صلاة ثانية .